إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك.       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه.
كتاب الروض المربع الجزء الثالث
206237 مشاهدة
بيع رباع مكة

ولا يجوز بيع رباع مكة ولا إجارتها لما روى سعيد بن منصور عن مجاهد مرفوعا: رباع مكة حرام بيعها حرام إجارتها، وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعا: مكة لا تباع رباعها ولا تخلى بيوتها رواه الأثرم .


لا ندري كيف نشرح هذا؛ فإن الواقع يخالفها. الآن تباع بأغلى الأثمان وتؤجر بأغلى الأثمان، وارتفعت قيم الإيجار ارتفاعا زائدا، ولم يعمل بهذه الجملة ولم يعمل بهذا الكلام. هي المسألة فيها خلاف، فيرى الإمام أحمد أنها لا تملك، لا تملك البيوت ولا تملك الدكاكين ولا تملك الأراضي، ولا يجوز تأجيرها، ويرى أنك إذا سكنت في بيت مثلا ولو سنة ولم تدفع أجرته، فلا شيء عليك. هكذا يذهب الإمام أحمد ودليله أن النبي صلى الله عليه وسلم فتح مكة عنوة يعني بالقوة وبالغلبة، ولم يقسمها بل تركها وقفا، وحيث إنها أصبحت وقفا فلا يملكها من بنى فيها، الذين بنوا يعتبرون متبرعين يسكنون ماداموا ساكنين، فإذا استغنوا فليس لهم البيع وليس لهم الإيجار إما أن يسكنوا فيها من أرادوا بدون إيجار، وإما أن يمسكوها من اشترى منهم فلا يدفع ثمن، ومن استأجر منهم فلا يدفع أجرة هكذا يرى الإمام أحمد